تعرف على تأثير ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على دول الخليج
يوشك البنك الاحتياطي الفدرالي على رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2006 وذلك مع استمرار تحسن معدلات النمو وتأثيرها الإيجابي على أسواق العمل الأمريكية، وما نحن بصدده الآن هو بيان التأثير المباشر لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على أسواق الخليج وسياسته النقدية.
التصريحات الأخيرة من قبل رئيسة البنك الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين والتحسن الكبير في بيانات تقرير الوظائف الأخيرة في ظل تراجع معدلات البطالة بالقرب من معدل التوظيف الكامل الذي تم الإشارة له عند مستوى 5.0% يصبح في صالح رفع أسعار الفائدة خلال اجتماع البنك الفدرالي الأخير هذا العام في ديسمبر/كانون الأول.
للأسف التأثيرات المتوقعة لرفع أسعار الفائدة الأمريكية سلبية لحد ما على أسواق الخليج وسياسته النقدية بسبب ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي وحده وهو ما يزيد من قوة التأثير المباشر لقرار رفع أسعار الفائدة.
تأثيرات سلبية محتملة لقرار الفدرالي على الشركات الصناعية
أكثر المتأثرين بشكل سلبي من ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية هي الشركات الصناعية العاملة في دول الخليج، نظراً لأنها ستواجه مشكلة كبيرة في الصادرات والواردات نظراً لارتباط العملات الخليجية بالدولار بشكل مباشر.
ارتفاع الدولار المتوقع بعد رفع الفائدة سيؤدي لارتفاع العملات الخليجية الأمر الذي يجعل صادرات الشركات الصناعية أقل في ميزاتها التنافسية.
من جهة أخرى ارتفاع سعر الفائدة الذي يحدده الاحتياطي الفدرالي سينعكس سريعا على البنوك الخليجية التي ستتطبق نفس المبدأ، وبالتالي ترتفع تكلفة القروض والائتمان للأفراد والمؤسسات، الأمر الذي يزيد من صعوبة وتكلفة التمويل الذي تحصل عليه الشركات الصناعية من البنوك.
أزمة النفط في الخليج قد تتضاعف بعد ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية
المشكلات التي تواجهها اقتصاديات دول الخليج حالياً نتيجة انخفاض أسعار النفط الخام وتراجع العائد من صادراتها مما يؤثر سلباً على ميزانيات الدول من المتوقع لها أن تتضاعف عقب قرار البنك الفدرالي برفع أسعار الفائدة.
نظراً لأن ارتفاع قيمة الدولار ينعكس بالسلب على أسعار النفط الخام منذ كونه سلعة تسعر بالدولار، الأمر الذي يقلل أكثر من عائدات الصادرات النفطية لدول الخليج.
هذا بالإضافة إلى توسع فجوة السياسة النقدية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصاديات العالمية الأخرى مثل الصين، الأمر الذي يزيد من الضغط السلبي على هذه الاقتصاديات ليتراجع الطلب أكثر على النفط الخام وبالتالي يزيد من الضغط السلبي على مستويات الأسعار.
قطاع البنوك في الخليج قد يكون المستفيد الوحيد من القرار الفدرالي
قطاع البنوك في أسواق الخليج قد يكون أكثر المنتبهين والمتابعين لخطوات البنك الاحتياطي الفدرالي، وقد يغيرون خططهم وفقا لقراراته. نظراً لأن ارتفاع الفائدة الأمريكية سيتبعه ارتفاع في الفائدة في البنوك الخليجية لتحقيق التوازن والارتباط في السياسة النقدية بين الولايات المتحدة ودول الخليج.
رفع أسعار الفائدة مفيد لقطاع البنوك في الخليج فبالنسبة للبنوك الإسلامية ستقوم برفع أسعار الفائدة على الإقراض بينما لن ترفع فائدة على الودائع لديها، أما البنوك التقليدية فستتجه إلى رفع الفائدة على الإيداع وعلى الإقراض وهو ما قد يكون دون فائدة لها.
شركات البتروكيماويات وشركات الاتصالات وغيرها من الشركات الصناعية العاملة في دول الخليج سيكون عليها دفع فائدة أعلى على القروض التي تحصل عليها الأمر الذي يعود بالنفع على البنوك الخليجية.
تحركات مطلوبة من دول الخليج لتلافي آثار رفع أسعار الفائدة الأمريكية
صانعي القرار في دول الخليج عليهم اتخاذ العديد من الإجراءات لتلافي الآثار السلبية لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على ميزانيات دولهم، فعلى أسواق الخليج تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على إيرادات صادرات النفط الخام وحدها.
وأحد الأمثلة على ذلك يظهر في دولة النرويج التي تعد أحد الدول الكبرى في تصدير النفط الخام، ولكنها تستخدم عائدات الصادرات النفطية في صناديق سيادية تابعة للحكومة والاستفادة من عائداتها، مع استخدام نسبة بسيطة من العائدات النفطية تصل إلى 4% أو 5% فقط على المشاريع الحكومية وتنويع باقي إنفاق الحكومة من مصادر أخرى.
أيضاً يجب التفكير الجدير في ربط عملات الدول الخليجية بسلة من العملات وليس بالدولار وحده لتجنب الربط بين اقتصاديات دول الخليج والسياسات النقدية للولايات المتحدة الأمريكية.
سيكون على حكومات دول الخليج أيضاً انتهاج سياسات تعمل على خفض الإنفاق الحكومي خاصة مع التوقعات بتراجع الاحتياطيات لديها خلال عام 2016 والأعوام التالية له مع استمرار انخفاض أسعار النفط الخام.