كتب المحرر الاقتصادي:
منذ أكثر من أسبوعين أطلق رئيس مجلس الوزراء «بشرى سارة» إلى المواطنين، وقال أن التيار الكهربائي سيشهد تحسناً ملحوظاً خلال أسبوع، ومر أسبوع بعد «بشارته» وزاد التقنين سوءاً، وبعد أيام جرى الحديث عن نقص حاد في الوقود وأرجعت وزارة الكهرباء السبب في ازدياد ساعات التقنين إلى هذا النقص مرة، ومرة أخرى إلى وجود أعطال فنية تم تجاوزها، ولكن الحال لم يتغير حتى ظن المواطن أن وزارة الكهرباء طبقت نظام «التقنين على التقنين» حيث تجاوزت ساعات القطع في بعض المناطق 17 ساعة.
ولأن الاتهامات دائماً تلقى على وزارة النفط بأنها مقصرة في تأمين الوقود وإمداد محطات التوليد، جاءت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة ليزف خلالها وزير النفط المهندس سليمان العباس بشرى بأن كميات مهمة من الوقود وصلت، وبدأ الإمداد إلى محطات التوليد التي تدعي وزارة الكهرباء بأنها جاهزة ولا ينقصها سوى الوقود، ورغم ذلك حصل نوع من الثبات في برنامج التقنين ولكن مدته بقيت على حالها ولم يجر عليها أي تخفيض، بل على العكس تماماً، «فعلى سبيل المثال انقطع التيار في دمشق القديمة لمدة 11 ساعة يوم الخميس أمس»، وغيرها الكثير من المناطق التي تعاني الحال نفسه.
إن موظفي وزارة الكهرباء يبذلون قصار جهدهم ويخاطرون بحياتهم من أجل إصلاح الأعطال، ولا نريد أن نذكر كم سقط منهم شهيداً، ولكن هناك أمر غير واضح وليس مفهوماً في تعامل الوزارة مع المواطنين، بل هناك أمر تحاول الوزارة إخفاؤه ولكنه بات واضحاً لدى الجميع، واشار إليه رئيس مجلس الوزراء في الجلسة المشار إليها عندما طلب من وزير الكهرباء عماد خميس تطبيق مبدأ المساواة والعدالة في التقنين، وهذا تأكيد واضح على أن بعض المناطق لا يرى سكانها الظلام على حساب مناطق أخرى اضطر سكانها إلى إتلاف كميات من المواد الغذائية المخزنة في ثلاجاتهم لموسم الشتاء القادم بسبب الانقطاعات المستمرة وعدم ثبات التيار، بالإضافة إلى تلف الكثير من الأجهزة الكهربائية لعدم توفر الوثوقية في التيار، وهذا كله أرخى على كاهل المواطنين أعباءً وخسارات هم بغنى عنها.
من يتابع صفحة الوزارة على موقع التواصل «فيسبوك» يدرك تماماً بأن هناك جهداً مميزاً يقوم به عمال الصيانة في إصلاح الأعطال الناجمة عن الاعتداءات الإرهابية، كذلك الأحمال التي تتعرض لها الشبكة، ولكن ما فائدة الإضاءة على هذه النواحي، والتيار الكهرباء لا يزور المواطنين في مناطق عدة إلا ساعة كل خمس ساعات..؟؟
في آخر دراسة لتكلفة تزويد المنزل الواحد بالكهرباء شهرياً، قالت الوزارة على صفحتها بأن الاستهلاك اليومي للمنزل يقدر بـ 10 ك.و.س بدون تشغيل مكيف أو سخان مياه، وإن كل 2,5 كيلو غرام من الفيول يولد 10 ك.و.س من الكهرباء، وإذا كان سعر كل 2,5 عالمياً يعادل 375 ليرة سورية تقريباً، فهذا معناه أن تكلفة المنزل الواحد شهرياً تساوي 11250 ليرة سورية كحاصل لضرب سعر الكمية المذكورة من الفيول مع عدد أيام الشهر.
لا نعرف مدى الدقة في هذا الحساب لتكلفة المنزل الواحد شهرياً، ولكن ما يبدو واضحاً بأن الوزارة تلجأ إلى تحميل المواطن «منية» وتذكيره بين الفينة والأخرى بأنها ما زالت تدعم الكهرباء، هذا أولاً، والأمر الآخر لم تذكر الوزارة في حسابها للتكلفة بأن الرقم الناتج هو مع التقنين أم بلا تقنين، لأنه لو كان بلا تقنين لبدا صحيحاً ومصداقياً، ومع تقنين فإنه سيضاف إلى وعودها النارية التي لا تولد إلا «الخيبة» لدى المواطنين.