دراسات و تحقيقات

المستثمرون السوريون في مراكز متقدمة خارجياً..أموالهم هربت وأخرى بيعت ونقلت ويستفيد منها الغير… كيف يمكن إعادتها..؟

سينسيريا ـ وسيم وليد إبراهيم:  

كان للحرب الظالمة التي تشهدها سورية أثر سلبي بالغ على العديد من القطاعات سواء القطاع الزراعي أو التجاري أو الصناعي، وتزامن مع خروج العديد من المستثمرين والصناعيين من سورية متجهين إلى دول الجوار عدا عن سرقة المصانع والآلات إلى دول الجوار، وخاصة في مدينة حلب، وترافق ذلك مع تشجيع من الدول المجاورة لاستقبال الصناعيين السوريين وتقديم التحفيزات لهم.

أرقام ومراكز متقدمة لأموال المستثمرين السوريين في الخارج!

وأشارت العديد من التقارير الصحفية بأن السوريين احتلوا مراكز متقدمة في العديد من القطاعات الصناعية وغيرها، فمثلا ذكرت إحدى الصحف الخليجية بأن المستثمرين السوريين احتلوا المركز الثالث بحجم التداولات في سوق دبي المالي خلال النصف الأول من العام الجاري، بحجم تداولات بلغت قيمتها 6.5 مليارات درهم، أيضا  ذكرت تقارير بأن العدد الإجمالي لشركات السوريين المسجلة في تركيا، بلغ ألفين و827 شركة، وأوضح خبراء بأن هذا العدد يتجاوز 10 آلاف شركة عند إضافة الشركات غير المسجلة والشركات التي لديها شركاء من المواطنين الأتراك.

وكشفت بيانات اقتصادية عربية أن حجم الأموال التي خرجت من سورية خلال العام 2014 وتوجهت للاستثمار في خمس دول عربية بلغت نحو 165.7 مليون دولار، مشكلة بذلك نسبة وقدرها 8.3% من إجمالي الاستثمارات العربية المتوجهة نحو الدول العربية الخمس مع الإشارة إلى أن الرقم الأخير لا يعبر عن الحجم الحقيقي لاستثمارات السوريين في الخارج، فعلى مستوى المطاعم فإن السوريين يملكون أكثر من 3 آلاف مطعم في الأردن وحدها.

أيضا، كشفت تقارير مالية حديثة أن الأغنياء ورجال الأعمال السوريين أدخلو وأوضعوا 11 مليار دولار في مصارف لبنان، وذلك عن طريق خروج كبار رجال الأعمال السوريين ووضعهم لأموالهم في مصارف لبنانية.

وأوضحت التقارير أن إيداعات رجال الأعمال السوريين والبالغة 11 مليار دولار رفعت ودائع البنوك اللبنانية إلى 160 مليار دولار.

وانشأ السوريون الأغنياء في لبنان المشاريع بين لبنان وأوروبا والخليج وأكملوا أعمالهم التي كانوا يقيمون بها من سورية الى اوروبا والى الخليج.

أما تركيا فقد استفادت أكثر من لبنان اذ قام رجال الأعمال السوريون بتوظيف 25مليار دولار بينها 10 مليار من حلب فقط وأقاموا معاملهم فيها وشركاتهم.

كيف يمكن إعادة رؤوس الأموال السورية إلى حضن الوطن؟

بعد عرض الأرقام السابقة لا بد من طرح سؤال هام: هو كيف يمكن إعادة المستثمرين إلى حضن وطنهم سورية، وما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها حيال ذلك؟..وخاصة أن معدلات البطالة في سورية مرتفعة كما أن الأسعار في ارتفاع مستمر وهو مؤشر على ضعف الإنتاج كون معظم المواد مستوردة ومرتبطة بسعر الصرف، ففي حال تم جذب هذه الاستثمارات الضخمة وحصرها في المناطق الآمنة فإن من شأن ذلك تحريك عجلة الإنتاج وامتصاص البطالة وتحريك السوق وضبط إيقاع الأسعار وكل ذلك يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وتعزيز القوة الشرائية لليرة السورية.

طالب: ضرورة إصدار قانون استثماري استثنائي

الباحث الاقتصادي الدكتور نضال طالب أوضح في تصريحه لـ”سينسيريا”، أنه في ظل الأزمة الراهنة يجب على الحكومة أن تجذب استثمارات المغتربين عبر إصدار قانون استثمار استثنائي يعمل على جذب رأس المال المغترب بحيث يضم تحفيزات كبيرة جدا للقطاع الخاص وللمستثمرين لدفعهم للعودة والعمل في المناطق الآمنة ضمن سورية، مشيرا إلى أن رأس المال جبان، ولكي يغامر يحتاج إلى محفزات تضمن له تحقيق عائدية سريعة لرأس ماله وربح مقبول، وهذا ما يجب ان يقوم عليه قانون الاستثمار الاستثنائي الذي يجب إصداره.

ورأى طالب أن من شأن إصدار هذا القانون وجذب المستثمرين إنعاش المناطق الآمنة وتأمين فرص عمل وصناعة سلع ومواد للسوق وكل ذلك يحدث نوعا من الهدوء في الأسعار ويحقق إيرادات للخزينة العامة، وأكد على فكرة أن رأس المال لا يجذبه إلا المزايا ونحن في هذه المرحلة نحتاج إلى مزايا استثنائية لجذب رؤوس الأموال المذكورة، عبر قانون استثمار استثنائي يكون “طفرة” في عالم الاستثمار ويمنح مزايا غير موجودة في كل دول العالم.

وأشار إلى أنه صحيح قد لا يحقق إيرادات جيدة للخزينة ولكن على المدى الآني والطويل سيكون له فوائد جمة وخاصة تشغيل اليد العاملة وإنتاج السلع وإنعاش المناطق الصناعية.

فضلية: من خرج أثناء الأزمة لن يعود وهي مستمرة

الخبير الاقتصادي عابد فضلية أكد في تصريحه لـ”سينسيريا”، أن الأموال التي خرجت من سورية تنقسم إلى قسمين: قبل الأزمة وإثناء الأزمة.

أما أموال المستثمرين السوريين التي خرجت قبل الأزمة السورية تقدر بأكثر من 100 مليار دولار، مشيرا إلى أن السوريين في دول الخليج والدول الأخرى يستثمرون أضعاف ما يستثمرونه في  سورية.

وأضاف “أما بالنسبة للأموال التي خرجت أثناء الأزمة فمعظم ما يتم الحديث عنه ينقسم إلى جزء خرج في بدايات الأزمة وأخر أواسط الأزمة ولكن لوحظ في الأسابيع الأخيرة خروج أموال ليست استثمارية من سورية وهي بصحبة المسافرين، وتتمثل ببيع الأصول والممتلكات وغيرها، وهذه المبالغ قبضت بالقطع الأجنبي وتم السفر بها إلى الخارج”.

ولفت إلى انه في بداية الأزمة كان هناك تشجيع من الدول لاستقطاب الاستثمارات السورية لأهداف منها اقتصادية ومنها تأجيج الوضع الاقتصادي في سورية.

ونوه إلى أن الشركات السورية جزء منها هربت أو سرقت أو أخرجت أو خرجت ولا يمكن جذبها إلا بعد تغيير الظروف الحالية والبدء بعملية إعادة الإعمار فإنها ستعود تلقائيا وبالتدريج وربما تعود أموال كانت موجودة في الخارج قبل الأزمة بالإضافة إلى الاستثمارات الأجنبية وهذا يتعلق بمتانة عملية الاستقرار وتنظيم عملية إعادة الإعمار والقوانين الشاملة لإعادة الإعمار والتي من شأنها استقطاب الشركات، أما حاليا فلا يمكن جذب الشركات التي خرجت لأن الذي خرج لأسباب الأزمة لن يعود في ظل استمرار الأزمة.

وأشار إلى أنه يوجد أموال في سورية يمكن تحريكها وتوظيفها آنيا لإعادة الإنتاج مثل طرح سندات الخزينة ورفع سعر الفوائد في المصارف وغيرها من الخطوات.

مراكز تجارية للترويج المنتجات السورية في الأسواق الخارجية أيضا

بعد عرض السابق لا بد من التأكيد على أن تقوم الحكومة بإصدار قانون استثماري استثنائي يستطيع جذب رؤوس أموال السوريين في الخارج، كما لا بد من رجال الأعمال في الخارج في أقل الحالات أن يقوموا بفتح مراكز تجارية في مكان تواجدهم تهدف إلى عرض المنتجات السورية وتشجيع الاستيراد من سورية ودعم الليرة السورية كحد أدنى ولا يعني ذلك بعدم عودتهم، فالعودة سيكون لها فوائد أعم وأشمل على الاقتصاد الوطني في سورية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى