اخبار البلد

المريض «المعتر» أو «مرضى دون وصفة طبية».. عندما يأخذ الصيدلاني دور الطبيب..!!

سينسيريا ـ وسيم وليد إبراهيم: 

ظاهرة ليست بغريبة على مجتمعاتنا بل تعتبر قديمة، إلا أنها أخذت بالانتشار وبكثرة بين العديد من المواطنين وهي تلم عن سوء الأوضاع الاقتصادية لديهم، وخاصة مع رفع أسعار الأدوية مؤخرا بنسبة 50%، والتي أتت بعد زيادات سابقة تراوحت ما بين 25 و50%، حيث فرض ارتفاع أسعار الأدوية مع ارتفاع تعرفة الأطباء إلى انتشار ظاهرة “مرضى دون وصفة طبية”.

المراقب لعمل الصيدليات حاليا يجد أن عدد المواطنين القادمين إلى الصيدلي لم يأتوا بغية الحصول على الدواء فقط، بل أتوا إليه كبديل عن الأطباء والعيادات، حيث يقوم المواطن بشرح ووصف ما يشعر به من ألم ومن ثم يقوم الصيدلي المخضرم بإجراء بعض الفحوصات البسيطة كلمس اللوزتان على سبيل المثال أو فحص البشرة  للتأكد من نوع الحساسية ومن ثم يقوم بوصف الدواء المناسب للمريض.

أي أن المواطن في هذه الحالة لم يكلفه مرضه سوى سعر الدواء، وبالتالي وفر على نفسه عناء الانتظار في عيادات الأطباء والأهم من ذلك كله وفر عليه تعرفة الطبيب التي أصبحت تحسب في الكثير من عيادات الأطباء وفق سعر صرف الدولار مقابل الليرة.

لا يخفى على أحد أن تعرفة الأطباء حاليا تبدأ من 500 ليرة وتصل إلى نحو 3 آلاف ليرة وذلك حسب الاختصاص، وبالطبع سيتم وصف أدوية للمريض والتي أصبحت فاتورتها مضنية أيضا بالنسبة للمواطن، أي أن طبيب وصيدلي سيكلفه وسطيا نحو 1500 ليرة في حال أصيب بالأنفلونزا فقط لذا يلجأ معظم المرضى إلى الصيادلة الذي لديهم باع طويل في العمل الصيديلي أو من يتمتعون بخبرة وفق قول العديد من المواطنين وذلك لتوفير تعرفة الطبيب والاقتصار فقط على سعر الدواء.

“المواطن وخاصة من ذوي الدخل المحدود لن يستطيع في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر على سورية أن يتحمل تكلفة الطبيب والصيدلي في وقت واحد، فإما الصيدلي وحصوله على الدواء، أو الطبيب دون دواء، بالطبع في حال كان المرض بسيطاً كالإنلفونزا أو الحساسية أو ما شابه، أما في حال الأمراض الصعبة والتي تحتاج إلى أخصائيين فإن المواطن هنا لن يستطيع إلا وأن يختار الطبيب والصيدلي معاً، وهنا تكمن المشكلة فهناك الكثير من الأمراض المزمنة التي تُكلف الكثير ولكن للأسف المواطن ليس معه ما يسد رمق معدته فكيف بمرضه أو مرض أحد أفراد أسرته”.

أحد الصيادلة أوضح لـ”سينسيريا”، أن عدد المواطنين الطالبين للفحص الطبي هم أكثر من عدد المواطنين القادمين للحصول على الدواء فقط، أي بمعنى المواطنين الحاملين لوصفة الطبيب أصبح عددهم قليل جداً، وهذا مؤشر واضح على أن معظم المواطنين القادمين للفحص عند الصيادلة هم من معدومي الدخل أو محدوديه، حيث لا يمكّنهم وضعهم المادي من جمع الأمرين معاً، أي تعرفة الطبيب وسعر الدواء، فيلجؤون إلى صيدلي لديه باع طويل في عمله وعنده قدرة على تحديد المرض ووصف الدواء المناسب له”.

وأضاف: «وبالطبع الصيدلي في حال عدم معرفته بالمرض أو في حال راوده أي شك فإنه سيحوله إلى طبيب مختص ولن يعطيه أي دواء على مسؤوليته».

وعن مدى مشروعية هذا الأمر قانونياً أوضح الصيدلي : في ظل الأوضاع الراهنة وصعوبة الأوضاع المعاشية لأغلب المواطنين أصبح الأمر طبيعيي، لأن الصيدلي وظيفته فقط هو بيع الدواء وليس الكشف على المريض وتحديد الدواء له، وأؤكد على أن الصيدلي في حال عدم معرفته لمرض المواطن فهو لن يقدم على إعطائه أي دواء دون وصفة من الطبيب أو مراجعة الطبيب المختص.

وعرج الصيدلي إلى قضية الدواء، حيث ذكر أنه يوجد نقص في بعض أنواع الأدوية ولكن في نفس الوقت البدائل إلى الآن مازالت متوفرة وخاصة أن معظم الصيدليات لديها مخزون من الأدوية وخاصة الأدوية ذات الاستهلاك الواسع، في حين يوجد بعض أنواع الأدوية مثل أدوية الأعصاب المزمنة وأدوية القلب فإنها أصبحت قليلة جداً.

وتبقى هذه الظاهرة إحدى مفرزات المرحلة الراهنة؛ والتي تتطلب التفاتة حقيقية من جانب وزارة الصحة لجهة تأمين معظم الأدوية التي يحتاجها المريض من جهة؛ ومن جهة أخرى تشديد الرقابة على الأطباء الذين لا يتقيدون بالتعرفة المحددة للكشف الطبي وبالتالي يدفعون المرضى إلى إجراء الكشف عند الصيدلاني وهو أمر خطير قد يؤدي إلى حدوث أخطاء طبية لا يحمد عقباها.

اظهر المزيد