التطرف يضرب في سورية
معد عيسى
لم يعد توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي من بذار ومحروقات ومبيدات وأسمدة كافياً وضامناً لزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية. ويبدو أن آثار “التطرف المناخي” أكثر فتكاً بالمجتمعات من التطرف السياسي والديني.
الموسم الماضي كانت معدلات هطول الأمطار جيدة بشكل عام وحتى توزعها زمنياً كان مقبولاً. إلا أن ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير لمدة يومين فقط خلال فترة ( عقّاد القمح ) كان كافياً لضرب الموسم وانخفاض الإنتاج بنسبة كبيرة وصلت في بعض المناطق إلى أكثر من 60 %. كما ساهم ارتفاع درجات الحرارة بشكل عام وغياب موجات الصقيع بانتشار الحشرات والآفات التي فتكت بالمواسم الزراعية وأصبحت تسابق المزارع في جني المحاصيل كما يحصل اليوم مع زحف الحلزون وغزوه حتى المناطق الجبلية المرتفعة ولم يوفر موسماً لا صيفاً ولا شتوياً ليتفوق على ذبابة الثمار. التي أصبحت مواجهتها أساساً لاستمرار الزراعة.
التطرف المناخي
التطرف المناخي يعني تخلف المطر عن السقوط في فترة زمنية معينة، أو سقوط الأمطار بكميات كبيرة في فترة قصيرة، وهذا يقابله بالتالي فترات جفاف طويلة وارتفاع في درجات الحرارة وحصول تبخر وانخفاض مناسيب المياه وتأثيرات كبيرة على الغطاء النباتي. وعليه ستتغير خارطة الزراعة في سورية وستعود زراعات بحكم اصطفاء الطبيعة وستنقرض أصناف مهجنة وستتغير كميات الإنتاج وإن كان علينا أن ننصاع لقوانين الطبيعة يجب أن نعود لأصناف تتمتع بمزايا ونكهات منحتها الطبيعة ذاتها.
دودة الحرير
قبل عقود من الزمن كانت تربية دودة الحرير تنتشر في أرياف الدريكيش والشيخ بدر والقدموس ومصياف وبعض أرياف اللاذقية وكانت تُصنع منها أفضل الأقمشة على أيادي ماهرة في حلب ودمشق وتُصدّر إلى كل العالم. ولكن بسبب تعاطي القائمين على الأمر “كفر” المزارعون بالإجراءات وقلعوا أشجار التوت. ومنذ ذلك الوقت وهم يجربون زراعات جديدة. كالتفاح وتشكيلة واسعة من الأشجار. لينتهي الحال بفشل وخسارات متتالية وهدم للتوازن البيئي.
الأمر يحتاج اليوم إلى خطط دقيقة للزراعة وتربية الثروة الحيوانية وإلى قرارات وقوانين تقود إلى الطاعة والقناعة وليس إلى “الكفر” قبل أن تتحول سورية من بلد زراعي، وصناعته تقوم على الإنتاج الزراعي وبمزايا خاصة إلى بلد يستورد كل شي وقد بدأنا نشهد البدايات بالبصل والبطاطا والثوم والقمح وغير ذلك مما كنا نفتخر به.
التطرف السياسي والديني غيّر سياسات وقلب معادلات ولكن التطرف المُناخي قد لا يقف عند تغير الألوان وإنما يغير الوجوه ولن تنفع معه كل الثورات وحركات التحرر.