إيران تتكتم على كميات النفط.. وتنتظر رفع العقوبات لتغرق الأسواق
لعل من أكثر الأسرار غموضاً فيما يختص بسوق النفط، كمية البترول التي تكتنزها إيران في البحر. وهذا سؤال رئيسي لأن الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب قد يرفع العقوبات القاسية ويمهد الطريق أمام أطنان من النفط الإيراني للوصول إلى السوق. ومن شأن أي زيادة في الصادرات الإيرانية أن تزيد في وفرة المعروض النفطي التي سبق وأدت إلى انهيار أسعار النفط إلى أدنى مستوى له في ست سنوات عند أقل من 43 دولار.
وإذا كانت إيران تزعم أنها لا تخزن النفط في ناقلاتها في الخليج فإن أحداً لا يصدق ذلك. وحتى وقت قريب، كان خبراء الطاقة يعتقدون أن السفن الإيرانية تحمل 30 إلى 40 مليون برميل من النفط.
ولكن شركة ويندوارد لخدمات المعلومات البحرية سخرت تقنياتها المتطورة لتحدد أن ايران تخزن في الواقع 50 مليون برميل من النفط، أي بنسبة 150% منذ أن بدأت ويندوارد هذه المراقبة الدقيقة في أبريل/ نيسان 2014.
تستخدم ويندوارد، ومقرها اسرائيل، قواعد البيانات الدقيقة لتعقب كمية البترول على كافة السفن والناقلات في الخليج، بما فيها تلك التي لا تغير موقعها.
النفط الإيراني جاهز للشحن
يؤكد مجدداً أن العالم يملك من النفط أكثر بكثير من حاجته. لاسيما في ضوء تراجع الطلب في الصين والاضطرابات الحاصلة هناك، ما يعني أنه عندما ترفع العقوبات ستقوم إيران بإغراق السوق النفطية على حد قول توم كلوزا كبير محللي النفط في دائرة الإعلام الخاصة بأسعار النفط.
وتجدر الإشارة إلى أن النفط المخفي في البحر جاهز ليشحن إلى أي مشتر، آسيوي على الأرجح، في أي لحظة. فهذا النفط قد تم ضخه مسبقاً وتم تنظيفه ومعالجته.
ويقول إلنار اسنر، محلل الطاقة في خدمات ناسداك الاستشارية، إن إيران تحاول التقليل من شأن مخزونها النفطي العائم لأنها لا تريد ترويع سوق النفط.
مفاتيح مستقبل إيران ونفطها في يد الاتفاق النووي
إلا أن إيران يجب أن تمتثل أولاً للاتفاق النووي الذي لا يزال بحاجة إلى التصديق من الكونغرس، فالاتفاق التاريخي يواجه شكوكاً عميقة في الكونغرس ولكن النواب لا يملكون أصواتاً كافية لتجاوز الفيتو الذي وعد به الرئيس باراك أوباما.
وبحسب بنك الاستثمار الكندي فإن إيران، في حال رفعت عنها العقوبات، ستكون قادرة على ضخ 375 إلى 500 ألف برميل إضافي يومياً من النفط الخام بحلول منتصف العام المقبل .
وفي تقرير بحثي لها كتبت حليمة كروفت، مديرة بنك الاستثمار الكندي، إن إيران تشكل نقطة التحول هذا العام، مع إمكانية خروجها من عقود من العزلة الاقتصادية والعالمية، وعلى العكس من معظم دول أوبك فإن المستقبل يبدو مشرقاً بالنسبة إليها.
ارتفاع التخمينات بشأن النفط الإيراني
لا يزال هناك التباس إذاً حول مخزونات النفط الإيرانية. فحين أشارت ويندوارد إلى مخزونات النفط الهائلة التي تخفيها إيران في البحر منذ أوائل يونيو/ حزيران، قدر آخرون هذه الكميات بأقل من ذلك، ثم عادوا اليوم ليرفعوا تقديراتهم. فشركة بلاتس مثلاً تقدر المخزونات الإيرانية بما لا يقل عن 53 مليون برميل من النفط والمكثفات في البحر، بعد أن كانت تقدرها ب40 إلى 42 مليونا في وقت سابق. وهذا يتضمن، بحسب بلاتس، ناقلة نفط تديرها شركة النفط المملوكة من الدولة والتي عادت لتظهر في ميناء عسلوية الإيراني بعد أن تم إطفاء إرسالها منذ سبتمبر/ أيلول الماضي. كما قالت الشركة إن ثلاث ناقلات أخرى لا تزال “غير مرئيّة ” ولكنها على الأرجح متصلة بالمجموعة.
لا أحد يثق بالأرقام الرسمية
هذا الجدل حول كمية النفط التي تخزنها إيران يسلط الضوء على مشكلة شائعة في سوق النفط، وهي أن أحداً لا يثق بالبيانات. ففي معظم الأحيان تكون الإحصاءات الرسمية لكل بلد منشورة من قبل البلد نفسه الذي يميل إلى إخفاء الأرقام الصحيحة.
ويقول آمي دانيال الرئيس التنفيذي لويندوارد إنه “دائماً ما نرى أن الأرقام الرسمية تختلف كثيراً عن الأرقام الفعلية صعوداً أو هبوطاً. ولا أحد يعلم ما الذي يذهب إلى أين وبأي قدر” .
تستخدم إحصاءات ويندوارد حصرياً من قبل أجهزة المخابرات الأجنبية بحثاً عن الإرهابيين والمهربين، ومع ذلك فإن صناديق التحوط ومصارف وول ستريت، المتعطشة دوماً للمزيد من الامتيازات، تحاول إجراء محادثات مع ويندوارد حول إمكانية الوصول إلى معلوماتها.
المصدر: سي أن أن