أنقذوا أصحاب المدخرات الصغيرة لتساهموا في تعافي الاقتصاد والمجتمع…!!!
تتميز المجتمعات الأكثر استقراراً بتوزع النسبة الأكبر من سكانها ضمن شريحة متوسطي الدخل….
ففي حين يكون تركيز الفئات ضعيفة الدخل على تأمين لقمة عيشها بشكل أساسي…و حيث تهتم الفئات ذات الدخول المرتفعة بالسعي الحثيث لزيادة ثرواتها…!!!!
فإن متوسطي الدخل هم عادة الذين يفرزون للمجتمعات ما يسمى بالنخب من المبدعين والمفكرين والسياسيين والفنانين والمهتمين بالشأن العام على اختلاف ميولهم….
وبالتالي فإن فئة متوسطي الدخل هي الرافعة الأساسية لنهوض المجتمعات سواء من حيث تقديم الدعم الفكري والإيديولوجي …..والتطور الفني والثقافي…أو من حيث قدرتها على الحراك الاجتماعي الذي يشكل التجمعات المنظمة القادرة على إحداث فعل تغيير حقيقي في المجتمع…
كما تعتبر شريحة متوسطي الدخل هي المحرك الأساس لاقتصاد السوق المحلي باعتبارها الفئة التي تملك القوة الشرائية الأكثر فعالية في السوق ….
وبالتالي يعتبر تنامي نسبة متوسطي الدخل إلى إجمالي عدد السكان مؤشراً جيداً لتطور المجتمع… في حين يعتبر اضمحلال نسبة هذه الفئة مؤشراً واضحاً على تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية وتراجعاًً حقيقياً في مستوى الوعي والثقافة المجتمعية…
ومن هنا يواجهنا سؤال آني ملح وفي غاية الأهمية….وهو كيف يمكن الحد من التناقص السريع الذي تشهده سورية في فئة متوسطي الدخل لحساب الازدياد الكبير وغير المسبوق بنسبة أصحاب الدخول المنخفضة…!!!!
ومع الأخذ بعين الاعتبار ضعف الإمكانيات المتوفرة حالياً لدى الحكومة لزيادة الرواتب ..إضافة إلى ما نلاحظه من انخفاض مطرد للقيمة الشرائية لليرة السورية… فإن الطريقة الأفضل حالياً لتفادي هذا الإنحدار الكبير في مستوى معيشة الطبقة المتوسطة هي من خلال تمكينها من استثمار ما تبقى لديها من مدخرات متواضعة بأفضل طريقة ممكنة تساعدها على المحافظة على مستوى معيشة مقبول نسبياً…
ومن خلال نظرة تاريخية للتجارب المريرة التي مر بها أصحاب المدخرات الصغيرة لدى محاولتهم توظيف مدخراتهم… سواء من خلال ظاهرة جامعي الأموال التي قام بها عدد من التجار الذين ادعو قدرتهم على توظيف المدخرات في أعمال تجارية مربحة…. وما انتهت إليه هذه التجربة من إفلاس هؤلاء أو هروبهم خارج القطر مقابل خسارة المدخرين لكامل أموالهم التي تم توظيفها لديهم…!!!
أو من خلال فشل الشركات المساهمة في تقديم البديل الآمن والمستقر لأصحاب المدخرات الصغيرة بإمكانية تأمين دخل إضافي متوازن لهم…وذلك لعدم تمتعها بالشفافية الكافية في إظهار نتائج أعمالها أو بسبب عدم تمتع إداراتها بالكفاءة اللازمة….
وحيث كان الملجأ الأكثر شرعيةً وضماناً لأصحاب المدخرات الصغيرة هو إيداعها لدى المصارف فإن الانخفاض في معدلات الفائدة الدائنة التي تمنح على الودائع جعل هذا الاستثمار ضعيف الجدوى…
وبذلك يكون الإقتراح الذي نرغب من ذوي الفعاليات الاقتصادية النشطة والناجحة تلقفه والتفاعل معه قدر الإمكان هو أن يتم العمل بسرعة وجدية على طرح مشاريع استثمارية ذات تكلفة غير عالية تكون دورة رأس المال فيها قصيرة نسبياً ..
بحيث تكون هذه المشاريع مصممة لجذب أصحاب المدخرات الصغيرة لتأمين توظيف جيد وآمن لمدخراتهم بطريقة قانونية سليمة تكون بإشراف تنظيمات مهنية معروفة… تضمن لهم حقوقهم وتحقق لهم دخل إضافي يدعم الدخول التي يحصلون عليها من خلال مزاولة أعمالهم ..
مما سيساهم بشكل كبير في حماية هذه المدخرات من فقدان قيمتها مقابل انخفاض القوة الشرائية لليرة.كما سوف يعمل على الحد من انهيار الطبقة المتوسطة وتقلص الدور الإيجابي الذي تساهم به في انعاش الاقتصاد وتطور المجتمع….
سوريانا كنعان