دراسات و تحقيقات

تفوق ال ٤ مليارات.. العقارات في دمشق.. أداة لخنق المواطن وزيادة الركود

سنسيريا

إعداد: محمد نجم حيدر

قد يستغرب البعض أن أسعار العقارات في بعض أحياء دمشق تضاهي لندن وباريس. فالبلد الذي عانى طويلاً من الحرب والدمار تغيب عنه الكثير من الخدمات الأساسية.

حيث وصل سعر شراء وإيجار المنازل إلى أرقام خيالية، لايتوقف هذا الأمر على الأحياء الراقية بل انتشر إلى المناطق العشوائية بالرغم من عدم توافر الخدمات فيها. حيث شهدت العقارات فوضى عارمة وباتت جزءاً من الأزمة الاقتصادية.

أرقام فلكية

لجأ الكثير من الناس لبيع ممتلكاتهم الخاصة لتأمين نفقات معيشتهم، هذا ما أكد عليه عمر بليح صاحب مكتب عقاري. مبيناً أن السبب يعود أيضاً لتأمين نفقات السفر هرباً من الوضع المتأزم. معتبراً أن ذلك زاد من تضخم الأسعار أكثر من قدرة الزبائن.

كما روى لنا الموظف منير العلي لجوءه لبيع بيته بمايقارب 100مليون ليرة، وبأنه في حال رغبته بشراء منزل ضمن منطقة مخدمة فعليه دفع مالا يقل عن 300 مليون ليرة.

وهذا ما أكده المحلل الاقتصادي عمار محمد حيث أن أسعار بعض العقارات وصلت إلى أرقام فلكية 3.4 مليارات ليرة سورية للمنزل الواحد. ما أدى لخلق حاجز نفسي قوي أمام البيع والآجار.

تباين في الأحياء

ولكن وعلى الرغم من الارتفاع العام بالأسعار، ف يوجد اختلاف بالمناطق، حيث أشار الخبير الاقتصادي معتصم ليلا إلى اختلاف الأسعار في المناطق. من حيث الخدمات ومساحة البيت، مبيناً أن المتر الواحد في المالكي غير مكسي يبلغ لمليون ليرة سورية.

والمتر الواحد للبيت المكسي وصل إلى مايقارب ال 2,5 مليون ليرة سورية . كما أشار إلى أنه في منطقة المزة يبلغ سعر المتر الواحد غير المكسي 900 ألف ليرة سورية، والمتر للبيت المكسي مليون ونصف ليرة سورية. معتبراً أن الوضع الاقتصادي هو العامل الأساسي لهذا الاختلاف.

كما أن لتوفر وسائل النقل دور مهم في تحديد السعر حسب رأي يونس خضر صاحب مكتب عقاري، الذي أكد أن الأسعار لديه تختلف من منطقة لأخرى، حسب الخدمات التى تقدمها المنطقة ووفرة وسائل النقل. ففي شارع بغداد على سبيل المثال تختلف الأسعار عن منطقة القصاع.

في حين نفى الموظف شاهين عثمان علاقة الخدمات بزيادة الأسعار ضمن منطقة سكنه في دف الشوك بعد استئجاره منزل بمبلغ 225 ألف ليرة سورية، رغم سوء الخدمات فيها. مؤكداً أن الإيجارات تختلف من منطقة لأخرى، حسب الخدمات التى توفرها من كهرباء وماء ونقل.

ركود غير مسبوق

أدى ارتفاع الأسعار لضعف الإقبال على شراء العقارات. هذا ما أكده أيمن صوص صاحب أحد المكاتب العقارية في ريف دمشق. مشيراً الى أن سوق العقارات يعاني ركوداً غير مسبوق، فحركة البيع والشراء والأجار تكاد تكون معدومة.

كما أرجع الخبير العقاري والاقتصادي عباس علي ضعف الاقتصاد إلى الركود في العقارات. كما أن الأسعار في المناطق العشوائية وغير العشوائية تعاني من الحالة نفسها سواء في البيع والشراء أو الإيجارات.

إرهاق مادي

أبو فهد أسود أحد ضحايا الحرب خسر منزله في منطقة جوبر في ريف دمشق، وصل إيجار بيته في القزاز ل 200 ألف ليرة سورية. ماتسبب بإرهاقه مادياً ونفسياً مع غلاء الأسعار، عدا عن افتقار منطقته لأبسط أنواع الخدمات. كما أبدى عرب زياد وهو شاب أنهى خدمته من الجيش إستياءه، بعد عجزه عن شراء غرفة واحدة في المناطق العشوائية التى تفتقر لأبسط أنواع الخدمات.

كما انعكست هذه الأزمة على المواطن الذي بات بحاجة إلى أربعة أعمال لسد العجز. كماهو حال الموظف أحمد حسين مبيناً عجزه عن شراء نصف غرفة في أي منطقة تفتقر لكل أنواع الخدمات.

ارتفاع أسعار المواد

أكد الخبير العقاري والمحلل الاقتصادي سلمان علي أن العامل الرئيسي لركود العقارات وارتفاع أسعارها سواء بالبيع والشراء أو الإيجارات هو الوضع الاقتصادي السيئ وغلاء أسعار المواد الأساسية للبناء، والتى انعكست بشكل كبير على العقارات في دمشق بشكل لا يناسب دخل المواطن .

من جهة أخرى عبد العزيز محمود متعهد بناء رأى أن ارتفاع أسعار المواد وعدم توفرها وغلاء ونقص اليد العاملة وسوء الوضع الاقتصادي من الأساسيات في أسعار العقارات والإيجارات سواء بمناطق مخدمة أم غير مخدمة فبلغ سعر الاسمنت ل250 ألف ليرة سورية، وسعر طن الحديد بلغ مايقارب 2,7مليون ليرة سورية. وبأن هذه الأمور تسهم في زيادة الأسعار بشكل كامل. مبيناً أنه في ضاحية قدسيا بالسكن الشبابي وصل سعر المنزل لما يقارب 90مليون ليرة سورية.

أسعار المنازل والايجارات في سورية وصلت لحد الجنون، فأصبح شراء المنازل رفاهية وللطبقات الغنية فقط. الأمرالذي يستوجب تدخل قانوني للحد من الركود وتقليل الأسعار، بالاعتماد على قانون البيوع العقارية الذي نصت عليه قرارات مجلس الوزراء مؤخراً.

اظهر المزيد